السينما والرياضة.. عالمان منفصلان، لكنهما في بعض الأحيان يخدم بعضهما البعض، فقد شاهدنا كيف تمكن التصوير السينمائي في بطولة أولمبياد باريس 2024، من إبراز البطولة وحركات المشاركين
منها روعة السباحة الأمريكية، كاتي ليديكي أو السباح الأمريكي، ليون مارشان، أو أسلوب سيمون بايلز أو الرامي التركي، أو مرونة العدائين أو ملحمة التجديف.
حتى كرة القدم، وهي رياضة أقل أهمية في الألعاب الأولمبية، تركت قصة رائعة لنتذكرها مع فوز المنتخب الإسباني.. وكرة السلة أيضاً ليست بعيدة عن الركب.
ومع اقتراب الألعاب الأولمبية من نهايتها، فحتى الآن لا يوجد سوى شخص واحد يحمل الرقم القياسي لحمل كلتا الجائزتين.
بصمة “كوبي براينت”
في عالم الرياضة والترفيه، هناك عدد قليل من الأسماء التي تركت بصمة لا تمحى مثل كوبي براينت.
اشتهر براينت عالميًا بمسيرته الرائعة في الدوري الأمريكي للمحترفين لكرة السلة، كما صنع التاريخ في مجال مختلف تمامًا وهو السينما.. إنه الرياضي الوحيد الذي فاز بجائزة الأوسكار وميدالية أولمبية، وهو إنجاز يعكس موهبة كوبي الملقب ببلاك مامبا غير العادية.
براينت.. ومراهقة مميزة
بدأ كوبي براينت مسيرته في الدوري الأمريكي للمحترفين في سن 18 عاما، ليصبح واحدا من أصغر اللاعبين الذين ظهروا لأول مرة في الدوري جنبا إلى جنب مع شاكيل أونيل، شكل أحد أكثر الثنائيات المرعبة في تاريخ كرة السلة، حيث قاد فريق لوس أنجلوس ليكرز للفوز بثلاث بطولات متتالية بين عامي 2000 و2002.. وأضاف لاحقًا لقبين آخرين إلى سجله في عامي 2009 و2010.. نفسه كواحد من أفضل اللاعبين على الإطلاق.
الساحة الدولية
لم يتفوق براينت في الدوري الأمريكي للمحترفين فحسب، بل تألق أيضًا على الساحة الدولية، ومثل الولايات المتحدة في دورة الألعاب الأولمبية 2008 في بكين والألعاب الأولمبية 2012 في لندن، وفاز بالميدالية الذهبية في كلتا المناسبتين، وكانت قدرته على القيادة وغريزته التنافسية حاسمة في تحقيق هذه الانتصارات.
“عزيزتي كرة السلة”.. الفيلم القصير الذي صنع التاريخ
وبعد اعتزاله كرة السلة عام 2016، لم يبتعد براينت عن أعين الجمهور. وبدلاً من ذلك، استغل شغفه بسرد القصص والأفلام في مهنة جديدة. بالتعاون مع رسام الرسوم المتحركة والمخرج جلين كين والملحن جون ويليامز، أنشأ كوبي “عزيزتي كرة السلة”، وهو فيلم رسوم متحركة قصير يعتمد على الرسالة التي كتبها في عام 2015 للإعلان عن اعتزاله.
الفيلم القصير، الذي يحتفل بحبه وتفانيه في كرة السلة، نال استحسان النقاد بسبب عاطفيته وجودته الفنية. في عام 2018 ، فاز فيلم Dear Basketball بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة قصير، مما جعل براينت أول رياضي محترف يحصل على جائزة الأوسكار. وأظهر هذا الفوز أن مهارات اللاعب السابق ورؤيته تجاوزت ملعب كرة السلة.
نهاية مأساوية
انتهت حياة كوبي براينت بشكل مأساوي في 26 يناير 2020، في حادث تحطم طائرة هليكوبتر في كالاباساس، كاليفورنيا. ومع ذلك، لا يزال إرثه مصدر إلهام لملايين الأشخاص حول العالم.
تواصل مؤسسته، مؤسسة مامبا الرياضية، دعم الرياضيين الشباب وإدامة قيم الجهد والتفاني وحب الرياضة التي ميزت براينت دائمًا.. علاوة على ذلك، فقد ترك وقته في السينما إرثًا لم يتمكن سوى عدد قليل من الرياضيين من مضاهاته.
إن الجمع بين إنجازاته الرياضية ونجاحه في عالم الترفيه يجعل من كوبي براينت شخصية فريدة وغير قابلة للتكرار.
لقد أظهر بميداليته الأولمبية وجائزة الأوسكار أن الحواجز بين الرياضة والفن ليست مستحيلة، وأنه من الممكن ترك بصمة كبيرة في كلا العالمين.
قصته ليست ملهمة لإنجازاته الرياضية فحسب، بل أيضًا لقدرته على إعادة اختراع نفسه ومواصلة البحث عن أشكال جديدة من التعبير والنجاح.