ودعت مصر، السبت، رئيس وزرائها السابق شريف إسماعيل والذي توفي عن عُمر يناهز 68 عاما بعد صراع مع المرض.
وإسماعيل الذي شغل حتى وفاته منصب مساعد الرئيس للمشروعات القومية، سيظل حاضرا بقوة في ذاكرة المصريين، إذ مرت البلاد في عهده بمحطات اقتصادية محورية لا يزال أثرها ممتد حتى الآن.
ونعى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، رئيس الوزراء السابق وكتب عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي: “أنعى بخالص الحزن والأسى رجلًا فاضلًا من خير رجال مصر، رجلًا تجسد فيه ضمير هذه الأمة، رئيس الوزراء السابق الدكتور الجليل شريف إسماعيل”.
وأضاف: أن الراحل كان رجلًا عظيمًا بحق، تحمل المسؤولية في أصعب الظروف وأحلك الأوقات، وكان على قدر المسؤولية الصعبة.
وتابع: “لم أر من الراحل العظيم إلا كل تجرد وإخلاص وأمانة ورغبة في العطاء، مترفعا عن كل المكاسب، لا يبتغي أي شيء إلا مصلحة وطنه وشعبه.. إنني أعزي نفسي والشعب المصري في فقدان هذا الرجل المخلص.. وإنا لله وإنا إليه راجعون”.
عراب “ثورة الطاقة”
كان حقل ظهر العملاق للغاز أحد أبرز الاكتشافات النفطية التي شهدتها مصر في تاريخها، وواحدا من الإنجازات الكثيرة التي تركها شريف للمصريين.
فالمهندس شريف إسماعيل الذي بدأ رحلته العملية أصلا من العمل مهندسا في البحث والاستكشاف بشركة موبيل للنفط، التحق لاحقا بشركة “إنبي” المصرية ثم إلى وزارة البترول التي ارتقى بها حتى تولى منصب الوزير في يوليو 2013.
وفي يناير 2014، أي بعد 6 أشهر لشريف في منصب الوزير، وقعت مصر مع إيني اتفاقية للتنقيب ثم بدأت الشركة الإيطالية الحفر في منطقة امتيار شروق البحرية عام 2015.
وفي أغسطس 2015، أعلنت إيني الإيطالية اكتشاف حقل ظهر العملاق، الذي أدى إلى نقلة نوعية لمصر في عالم الطاقة.
وإثر ذلك، تم تعيين شريف إسماعيل في منصب رئيس الوزراء بعد شهر واحد في سبتمبر 2015.
حلم مركز الطاقة
في منصبه رئيسا للوزراء، وضع شريف إسماعيل مصر لاعبا قويا على خارطة الطاقة الإقليمية، إذ تبنى حلما نجح في تحقيقه وهو تحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة.
في عهد شريف، أبرمت مصر عدة اتفاقيات لتصدير واستيراد الغاز من دول الجوار وحتى أوروبا، وأعادت جهود صيانة وتشغيل بناها التحتية من الأنابيب ومراكز الإسالة حتى يتسنى لها تعزيز دورها في القطاع.
وبسبب تلك الجهود التي بذلها رئيس الوزراء السابق، تستفيد مصر حاليا من تصدير الغاز لأوروبا وتحصيل عملة صعبة هي في أمس الحاجة إليها بسبب ظروفها الاقتصادية الصعبة.
ملحمة التعويم
بعد قرابة العام له في المنصب، واجه إسماعيل أكبر فاتورة اقتصادية تحملتها مصر، وهي شح العملة الصعبة بسب تداعيات ما مرت به البلاد من انتفاضات وثورات منذ عام 2011.
وفي 3 نوفمبر 2016 شهدت مصر ما نُظر إليه آنذاك بأنه “أصعب قرار في تاريخها” إذ تم تحرير سعر صرف الجنيه “التعويم”، وقفز سعر الدولار على نحو هائل وبأكثر من الضعف.
ومع ذلك، بدا أن الحكومة المصرية كانت جاهزة لكل السيناريوهات، وشهدت البلاد موجة تضخم كبيرة لكن تمت السيطرة عليها بعد عدة أشهر.
ونتيجة تلك الملحمة المدروسة، شهدت مصر بعد ذلك انسيابا في تدفق الدولار وانتعاشا في حركة التجارة والصناعة، الأمر الذي قاد لاحقا إلى ارتفاع سعر الجنيه مجددا بشكل تدريجي، بينما هدأت الأسعار قليلا.
بطل المشروعات القومية
في أوج إنجازات اقتصادية كثيرة تحققت في عهده، لاحظ الكثيرون انهيارا جسديا في إسماعيل، وهو الأمر الذي ارتبط بمرضه.
ومع ذلك، وفي ظل أهمية الدور الذي يقوم به، قاوم إسماعيل كثيرا للوفاء بمهامه، قبل أن يشتد عليه المرض ويتقدم باستقالته في 5 يونيو 2018 بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية وتأدية الرئيس عبدالفتاح السيسي اليمين الدستورية لفترته الرئاسية الثانية في 2 يونيو 2018.
وتكريما له ولدوره في المشروعات القومية المحورية الكثيرة التي وضع حجر أساسها في عهده، عينه الرئيس السيسي مساعدا لرئيس الجمهورية للمشروعات القومية منذ 14 يونيو 2018، وظل شاغلا للمنصب حتى وفاته.