خلص باحثون إلى أن الجينات ربما تؤثر بصورة غير مباشرة على تحديد عمر الفتيات عندما تأتيهن الدورة الشهرية من خلال تسريع عملية اكتساب الوزن خلال فترة الطفولة – وهو عامل خطورة معروف بالنسبة للبلوغ المبكر.
ووفقاً للدراسة، فإن هناك جينات أخرى يمكن أن تؤثر بصورة مباشرة على عمر البلوغ، حسبما ورد في الدراسة التي نشرتها وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا).
وفي ظل القدرة على توقع من ستواجه خطورة مرتفعة بالنسبة للبلوغ المبكر، تستطيع الأسر والأطباء اتخاذ إجراءات للحد من هذه الخطورة، المرتبطة بزيادة خطر الإصابة بعدد من الأمراض لاحقاً في الحياة، من بينها السكري من النوع الثاني ومرض القلب.
ويرتبط البلوغ المتأخر بتحسن الصحة في مرحلة البلوغ والحياة لفترة أطول.
وفي أكبر دراسة من نوعها حتى الآن، درس فريق دولي بقيادة باحثين بوحدة علم الأوبئة بمجلس البحث الطبي في جامعة كامبردج، الحمض النووي لنحو 800 ألف امرأة من أوروبا وأميركا الشمالية والصين واليابان وكوريا.
وخلص الباحثون إلى أن هناك أكثر من 100 متغير – تغيرات محدودة في الحمض النووي – تؤثر على العمر الذي تأتي فيه الدورة الشهرية لأول مرة. وقد تم رصد نحو 600 من هذه المتغيرات لأول مرة.
وقال البروفسير جون بيري، المشارك في الدراسة ومسؤول الاتصال: «كثير من الجينات التي وجدناها تؤثر على البلوغ المبكر أولاً من خلال تسريع اكتساب الوزن لدى الرضع والأطفال الصغار». وأضاف: «هذا يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة محتملة لاحقاً، حيث إن البلوغ المبكر يؤدي إلى ارتفاع معدلات زيادة الوزن والسمنة خلال مرحلة البلوغ».
وقال البروفسير كين اونغ في جامعة كامبردج، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، إن الصلات مع المخاطر المتعلقة بالأمراض الخطيرة في وقت لاحق في الحياة تبرز أهمية الصحة العامة لتجنب البلوغ المبكر.
وأضاف: «بالنسبة للأطفال والأسر، ربما يتمثل تأثير مباشر للبلوغ المبكر في تبني سلوك يميل إلى المخاطرة من خلال التواصل مع الشباب الأكبر سناً والتأثيرات السلبية على الأداء في المدرسة».
وأوضح: «التنبؤ بالأطفال الصغار الذين يواجهون خطورة البلوغ المبكر المرتفعة قد يمكّن أسلوب الحياة أو التوجهات السلوكية أو الطبية البسيطة من الحد من هذه الخطورة».
وبالنسبة للفتيات، عادة ما تبدأ مرحلة البلوغ والدورة الشهرية ما بين أعمار 10 و15 عاماً، ولكن الخبراء يقولون إن هذا الأمر أصبح يحدث مبكراً بصورة أكبر خلال العقود الأخيرة.
وأوضح الباحثون أن أقل من نصف المتغيرات الجينية التي تم رصدها في الدراسة (45 في المائة) تؤثر على البلوغ بصورة غير مباشرة، من خلال زيادة الوزن خلال مراحل الطفولة المبكرة.
وأظهرت البحوث السابقة أن هناك عنصر استقبال في المخ يرصد الحالة الغذائية للجسد، وينظم توقيت البلوغ ومعدل النمو لدى الأطفال.
وقالت كاثرين كينتستو، كبيرة الباحثين بالدراسة: «هذه أول مرة نتمكن فيها من تحليل متغيرات جينية نادرة على هذا النطاق». وأضافت: «لقد رصدنا 6 جينات تؤثر بقوة على توقيت البلوغ». وأوضحت: «على الرغم من أنه تم اكتشاف هذه الجينات لدى الفتيات، فإنه غالباً يكون لها التأثير نفسه على توقيت البلوغ لدى الفتيان».
وقالت: «الآليات الجديدة التي نقوم بوصفها يمكن أن تشكل أساساً للتدخلات من أجل الأفراد الذين يواجهون خطورة البلوغ المبكر والبدانة».
وفي الدراسة الجديدة، وضع الباحثون مجموعة نقاط جينية تتوقع ما إذا كانت الفتاة من المحتمل أن تصل إلى مرحلة البلوغ مبكراً جداً أو متأخراً جداً.
وأظهرت النتائج أن الفتيات اللاتي حصلن على نسبة 1 في المائة الأعلى ضمن هذه النقاط الجينية من المحتمل بنحو 11 مرة أن يصلن إلى مرحلة البلوغ متأخراً جداً بعد 15 عاماً.
ومن ناحية أخرى، الفتيات اللواتي حصلن على 1 في المائة الأدنى من النقاط الجينية من المرجح بنحو 14 مرة أن يصلن إلى مرحلة البلوغ مبكراً للغاية، قبل عامهن العاشر.
وقال الباحث وطبيب الأطفال أونغ: «في المستقبل، ربما نتمكن من استخدام هذه النقاط الجينية في العيادات لتحديد الفتيات اللاتي سوف يبلغن مبكراً للغاية أو متأخراً للغاية».
وأضاف: «هيئة الخدمات الصحية الوطنية تقوم بالفعل بتتبع التسلسل الجينومي الكامل عند الولادة، وهذا يمنحنا المعلومات الجينية التي نحتاجها لجعل هذا ممكناً».
وجرى نشر نتائج الدراسة في دورية «نتشر جينيتكس»