من المستبعد أن تكون عملية تحلية المياه المالحة حلاً للجزء الأكبر من أزمة المياه العالمية.
تشكّل الطاقة الشمسية الأرخص من أي وقت مضى، عاملاً مواتياً لانتقال الطاقة العالمي، يمكن أن يجعل الأمر من التقنيات كثيفة الاعتماد على الطاقة ميسورة التكلفة، ونتيجة لذلك، أصبحت تحلية المياه المالحة خياراً أكثر شيوعاً لتوفير مياه الشرب لبعض من أكثر المناطق جفافاً حول العالم.
ويُعد المنطق وراء تحلية المياه واضحاً، فقد صارت المياه أكثر ندرة مع نمو التعداد السكاني ووسط شعور الشعوب بالتأثير القوي للتغير المناخي. وأعلنت منظمة الصحة العالمية، أن أكثر من نصف سكان العالم يمرون بالفعل بندرة شديدة للمياه خلال جزء على الأقل من العام، ويؤدي هذا إلى تأليب مستخدمي المياه ضد بعضهم بعضاً، مثلما كان الحال بإسبانيا في آخر موجة للجفاف.
وتحتاج عمليات تحلية المياه إلى مصدر لا نهائي تقريباً، بما أن 97 % من مياه البحار والمحيطات حول العالم مالحة، لكن تكاليف التحلية انخفضت على نحو كبير للغاية، فالمحطات الحرارية التي تستخدم الحرارة لتحويل المياه المالحة إلى بخار، توفر مياهاً صالحة للشرب بحدود 3 دولارات للمتر المكعب.
ومنذ فترة، هيمنت تكنولوجيا التناضح العكسي على المشهد، وتنطوي على دفع المياه عبر غشاء لإزالة الملح والمعادن والشوائب.
وأشار كريستوفر غاسون، من «غلوبال واتر إنتليجنس»، إلى أن بناء المحطات صار يكلّف أموالاً أقل، إذ تبلغ التكلفة 400 مليون دولار لتنقية 500.000 متر مكعب يومياً.
وبحسب غاسون، فالعائد على رأس المال وتكاليف التشغيل، بما في ذلك التأسيس، تبلغ قيمته 0.30 دولار للمتر المكعب من الماء.
وتحتاج المحطات الجديدة قدراً أقل من الطاقة بحدود 2.6 كيلو واط في الساعة للمتر المكعب، ويزداد تشغيلها بواسطة محطات الطاقة الشمسية الأرخص. وحصلت أرخص محطة على مستوى العالم على طاقة بسعر 0.025 دولار للكيلو واط في الساعة، ما يكلّفها 0.07 دولار لتحلية متر مكعب من الماء.
وعند وضع هذا كله معاً، فسيوضح ذلك كيف يتعهد مشروع مجمع حصيان بتوفير مياه محلاة بقيمة 0.37 دولار للمتر المكعب. وللإشارة، يبلغ سعر المياه في لندن جنيهاً إسترلينياً واحداً للمتر المكعب.
وبهذا المعدل، أصبحت عملية التحلية ميسورة من حيث التكلفة للمناطق الجافة والساحلية، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل أيضاً في مصر والجزائر والمغرب، التي تعمل على بناء محطات جديدة. وأصبحت تحلية المياه أقل تكلفة أيضاً من بناء بنية تحتية جديدة لنقل المياه لمسافات طويلة.
ووفقاً لأكسيونا، أحد أبرز موفري البنى التحتية، فتبلغ المسافة المختصرة نحو 500 كيلومتر، ونتيجة لذلك، يتوقع نمو سوق المحطات الجديدة بما قد يصل إلى 8% سنوياً اعتباراً من الآن وحتى 2030.
ومع ذلك، فمن المستبعد أن تكون تحلية المياه المالحة حلاً للجزء الأكبر من أزمة الماء العالمية. وتواجه الكثير من المناطق حول العالم نقصاً مؤقتاً أو عرضياً للماء، ما يوزّع تكاليف رأس المال لبناء بنية تحتية على قدر أقل من الماء. وتحتاج الزراعة، التي تشكل 70% من الاستهلاك العالمي، لمياه رخيصة لإنتاج محاصيل ميسورة التكلفة.
ولذلك، فإن أولى الجهات تحركاً على صعيد تحلية المياه، بما في ذلك أكوا باور السعودية، وأكسيونا الإسبانية، وفيوليا الفرنسية، تتمتع بميزة واضحة في سباق تنافسي مثل هذا.