تترقب الأسواق العالمية أسبوعاً مزدحماً بالأحداث التي يتوقع أن تختبر انتعاش الأسهم الأمريكية الأخير، مع تركيز المستثمرين على موجة من نتائج الشركات الكبرى، تتصدرها «أبل» و«مايكروسوفت»؛ بينما تلوح في الأفق تطورات محتملة على صعيد التجارة العالمية قد تثير تقلبات حادة في أية لحظة.
وتضاف إلى المشهد بيانات مهمة مثل تقرير الوظائف الشهري، وأرقام النمو الاقتصادي للربع الأول، إلى جانب تحديثات التضخم، وهي بيانات تؤثر في العادة بقوة على مسار الأسواق.
وبعد مكاسب جيدة خلال الأسبوع الماضي، قلّص مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، نحو نصف خسائره الأخيرة؛ لكنه لا يزال منخفضاً بنحو 10% مقارنة مع ذروته القياسية المسجلة في فبراير.
وأشارت «رويترز» إلى تحسُّن معنويات المستثمرين بفعل مؤشرات على تخفيف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من حدة مواقفه التجارية، بما في ذلك الحديث عن احتمال التهدئة مع الصين؛ غير أن الأوضاع تبقى قابلة للتغير في أي لحظة، وأية تطورات سلبية على صعيد الرسوم الجمركية قد تهدد المكاسب المحققة.
بوادر تفاؤل
وقال مايكل مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية لدى «بوسطن بارتنرز»: إنَّ «هناك بوادر لإمكانية التوصل إلى حلول وسط في ملف الرسوم الجمركية، وهو ما دعم الانتعاش الأخير»، لكن مولاني حذَّر من أن الأسواق ستظل شديدة الحساسية لتدفق الأخبار، مضيفاً: «إذا كانت الأخبار إيجابية بشأن الرسوم، فسترتفع الأسواق، وإذا كانت سلبية، ستتراجع». ويستعد المستثمرون لمزيد من التحولات على صعيد التجارة، بعدما قرر ترامب تعليق العديد من الرسوم الجمركية المرتفعة على بعض الدول حتى يوليو المقبل؛ وجاء هذا التراجع بعد قراره في 2 أبريل بفرض رسوم واسعة النطاق، ما تسبب في اضطرابات حادة بالأسواق المالية.
نتائج السبعة الكبار
وتوقّعت رويترز أن «يكون الغموض التجاري محوراً رئيساً في تقارير أرباح الشركات المرتقبة»، فوفقاً لـ«يو بي إس»، ستقوم نحو 180 شركة من شركات مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» تمثل أكثر من 40% من القيمة السوقية للمؤشر – بنشر نتائجها خلال الأسبوع الجاري. وتأتي في مقدّمتها «أبل»، و«مايكروسوفت»، و«أمازون»، و«ميتا بلاتفورمز»، وهي 4 من «السبعة الكبار» من شركات التكنولوجيا التي تراجعت أسهمها خلال عام 2025 بعد تحقيقها مكاسب ضخمة على مدار العامين السابقين. ومع تجاوز أكثر من ثلث شركات المؤشر مرحلة الإعلان عن الأرباح، تظهر النتائج حتى الآن تفوقاً على التوقعات؛ حيث تشير بيانات «LSEG IBES» إلى أن أرباح «ستاندرد آند بورز 500» ارتفعت بنسبة 9.7% في الربع الأول مقارنة بالعام الماضي، مقابل تقديرات سابقة كانت تشير إلى ارتفاع بنسبة 8% فقط.
وقال كينغ ليب، كبير الاستراتيجيين في بيكر أفينيو ويلث مانيجمنت في سان فرانسيسكو: «كان الناس يتوقعون الأسوأ، وهو أمر معتاد عندما تمر الأسواق بمرحلة تراجع .. لكن الأرقام لم تكن بذلك السوء». ومع ذلك، أشارت بعض الشركات إلى وجود تحديات مستقبلية؛ إذ خفّضت شركات مثل «بروكتر أند غامبل»، و«بيبسيكو»، و«ثيرمو فيشر» توقعاتها السنوية للأرباح.
ترقُّب المستثمرين
وسيراقب المستثمرون أيضاً مدى تأثير نظام التجارة العالمي الجديد على البيانات الاقتصادية، وسط مخاوف من أن تؤدي الرسوم الجمركية الجديدة إلى ارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو.
وتشمل البيانات المرتقبة خلال الأسبوع المقبل: الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول، وقراءة مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي لشهر مارس، وهو مقياس رئيس للتضخم. إلا أن تقرير الوظائف الأمريكي الشهري، المقرر صدوره في 2 مايو، قد يكون الاختبار الأكبر للأسواق؛ فقد أظهر سوق العمل استقراراً نسبياً خلال الأشهر الماضية، ويتوقع استطلاع أجرته «رويترز» أن يكون الاقتصاد الأمريكي قد أضاف نحو 135 ألف وظيفة في أبريل.
تزايد الشكوك
غير أن الشكوك بشأن آفاق الاقتصاد تتزايد مع تراجع مؤشرات ثقة المستهلك وقراءات أخرى، ما يدفع المستثمرين إلى ترقب ما إذا كانت هذه «البيانات اللينة» المقلقة ستنعكس في تقارير أكثر موثوقية بشأن الوضع الاقتصادي. وفي هذا السياق، قال بوب سافاج، رئيس استراتيجيات الأسواق الكلية في «BNY»: إن «المستهلك سيكون محرك النمو المستقبلي في الولايات المتحدة، ما يضع عبء الإثبات على عاتق تقرير الوظائف».
دفاع عن ترامب
على صعيد آخر، دافع وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت عن سياسة الرئيس دونالد ترامب المتقلبة بشأن الرسوم الجمركية، والتي تسببت باضطراب الأسواق العالمية، واصفاً إياها بأنها وسيلة لخلق «حالة من عدم اليقين الاستراتيجي» تمنح واشنطن الغلبة.
ويتواجه أكبر اقتصادين في العالم منذ أن أشعل ترامب فتيل حرب تجارية عالمية بفرضه رسوماً جمركية استهدفت بشكل خاص الواردات الصينية. وردّت الصين على الولايات المتحدة بالمثل ما رفع نسبة الرسوم الأمريكية المفروضة على الواردات الصينية إلى 145% والرسوم الصينية المفروضة على الواردات الأمريكة إلى 125%. وأمام عشرات الدول مهلة 90 يوماً تنتهي في يوليو للتوصل إلى اتفاق مع واشنطن، وتجنب فرض رسوم أعلى خاصة بكل دولة.
وقال بيسنت لبرنامج «هذا الأسبوع» على قناة «أيه بي سي»: إنه «في نظرية الألعاب، يسمى هذا الأمر عدم اليقين الاستراتيجي، لذلك لن تخبر الطرف الآخر في المفاوضات إلى أين ستنتهي الأمور؟». وأضاف وزير الخزانة، «لا أحد أفضل من الرئيس ترامب في خلق هذا النوع من النفوذ». واعتبر بيسنت أن ترامب «لجأ إلى الرسوم الجمركية الباهظة، وهذه هي العصا. هذا هو المكان الذي يمكن أن تصل إليه. أما الجزرة فهي: تعالوا إلينا، أزيلوا رسومكم الجمركية، أزيلوا الحواجز التجارية غير الجمركية، توقفوا عن دعم العمل ورأس المال وعندها يمكننا التحدث».
وكان ترامب أكد أن هناك العديد من الصفقات على الطاولة، إلا أن التفاصيل في هذا الشأن كانت ضئيلة. وعندما طلب منه توضيح ذلك تهرب بيسنت مكتفياً بالقول: إن بعض المفاوضات «تسير على ما يرام، خصوصاً مع الدول الآسيوية».
أبرز أحداث الأسبوع: الثلاثاء:
الميزان التجاري للسلع – 8:30 صباحاً
مخزونات التجزئة – 8:30 صباحاً
مؤشر أسعار المنازل – 9:00 صباحاً
مؤشر ثقة المستهلك – 10:00 صباحاً
فرص العمل – 10:00 صباحاً
الأربعاء:
التغير في وظائف القطاع الخاص غير الزراعي الصادر عن ADP – 8:15 صباحاً
الناتج الإجمالي المحلي للربع الأول – 8:30 صباحاً
مؤشر تكلفة التوظيف – 8:30 صباحاً
مؤشر شيكاغو للأعمال (PMI) – 9:45 صباحاً
مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي – 10:00 صباحاً
مؤشر الدخل الشخصي – 8:30 صباحاً
مؤشر مبيعات المنازل المعلقة – 10:00 صباحاً
الخميس
معدلات الشكاوى من البطالة – 8:30 صباحاً
مؤشر مديري المشتريات الصناعي – 9:45 صباحاً
مؤشر الإنفاق على البناء – 10:00 صباحاً
الجمعة
متوسط الأجور في الساعة – 8:30 صباحاً
معدل البطالة – 8:30 صباحاً
تقرير التوظيف غير الزراعي – 8:30 صباحاً
طلبيات المصانع – 10:00 صباحاً