الرئيسية » الوحدة واستعادة دولة الجنوب أيهما أكثر واقعية ؟؟

الوحدة واستعادة دولة الجنوب أيهما أكثر واقعية ؟؟

by donia

الدكتور / علي أحمد الديلمي

 

ألقت تطورات الحوار الجنوبي الجنوبي بظلالها على نقاشات اليمنيين حول الوحدة والانفصال في ظل الوضع الذي آل إليه اليمن في السنوات الأخيرة إذ بات انفصال الجنوب والشرق هو الأقرب إلى الواقع بدعم أو بضوء أخضر على الأقل من بعض الداعمين الاقليميين وبات الانفصال هو الأمر الواقع في اليمن إلى حد كبير مدركين حجم الخلافات الجنوبية الجنوبية والشماليه الشمالية والجنوبية الشمالية وتعقيدات تحمل في طياتها عوائق مختلفة سياسية واقتصادية وقانونية واجتماعية يمكن الحديث عنها في مقال أخر

 

يوم الاثنين ٨ مايو ٢٠٢٣ استعرض رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي وثيقة “الميثاق الوطني الجنوبي” وصفق الحاضرون بحرارة لهذا الإنجاز الذي وحّد الفصائل الجنوبية كما قال الزبيدي

وقال الانتقالي إن المؤتمر هدفه الوصول إلى توافق سياسي ورؤية موحدة وداعمة لعودة الأوضاع إلى ما قبل تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990 والمشاركة في صناعة ملامح دولة الجنوب

 

تم تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي في 11أيار/مايو2017 وكان الهدف المعلن منه بتمثيل المصالح الجنوبية على الأرض وفي النقاشات الوطنية والدولية

 

تزداد القضية الجنوبية تعقيدًا لأسباب متعددة أهمها مشاركة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في اليمن في دعم الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي ورئيسه الدكتور رشاد العليمي المعترف بها من الأمم المتحدة وهي شرعية تعتمد عليها الحرب في اليمن بشكل كبير في الاساس القانوني لكيان الدولة اليمنية فإذا كان المجلس الانتقالي الجنوبي سيتعامل مع الشرعية بطريقة تتعارض مع اساسها القانوني والدستوري سيبقي من غير الواضح كيف سترد الرياض بشكل خاص على هذا الأمر وكيف ستتعامل مع هذه التطورات لذا كما يبدو ان مايقوم به المجلس الانتقالي هو العمل من أجل إنجاح التضامن الجنوبي الجنوبي وتوحيد المكونات الجنوبية كخطوة استباقية لأية خطوات قادمة

 

ان إدارة المرحلة القادمة في اليمن ستظل رهن تفكير القوى السياسية الجنوبية من ناحية ورهن تفكير وتعامل القوى التي تمثل الشرعية وسلطة الامر الواقع في صنعاء ومايتعلق بالمستقبل فلن يكون هناك قوّة يمنية وازنة ومرجّحة قادرة على صنع المستقبل ومن ناحية ثانية فـإن القوى السياسية اليمنية ستظلّ تمارس اللعبة ذاتها في عملية الإقصاء والمحاصصة والكيدية وتقديم المصالح المناطقية والخاصة أو الطائفية أو الفئوية أو الإقليمية والدولية على حساب المصلحة الوطنية وهذا سيعني بالضرورة مزيداً من الشلل والانقسام وتأخير الحلول للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي مزيدا من الغرق في وحْل الأزمات التي يمكن أن تتسع وتخلّف أزماتٍ من أنواع أخرى قد يصعب حلّها أمّا إذا عادت هذه القوي والمكونات السياسية اليمنية إلى التفكير بلغة هادئة وعقلانية واقتنعت بضرورة تقديم التنازلات من أجل الوطن فإنّ اليمن يمكن أن يبدأ مسيرة التعافي والخروج من الأزمات المتلاحقة وفقا لمخرجات الحوار الوطني التي تم التوافق عليها او وفقا لما سيتم التوافق علية في حالة الوصول الى سلام دائم وفقا للحل السياسي الشامل الذي يحدد معظم القضايا الخلافية من شكل الدولة الاتحادية والاقاليم وغيرها

 

وبالنسبة للقوى التي تمتلك السلاح والقوة فهي أيضاً أمام مسؤولية تاريخية لناحية تحويل هذه القوة الى أدوات من أجل حماية اليمن وليس تمزيقها وهذا أيضاً يحتاج إلى تفكير عقلاني ومنطقي في إدارة المرحلة الجديدة خارج المعارك الصفرية على قاعدة أن التشظّي الحادّ للمشهد السياسي الجنوبي يجعل استعادة دولة جنوب اليمن أمراً مستبعداً إلى حدّ كبير كما أن مسألة الوحدة تبقى مثيرة للخلاف سياسياً وقابلة للاستغلال من اللاعبين الخارجيين فطوال السنوات القليلة الماضية،حاولت أطراف خارجية لعب أدوار مختلفة لتحويل اليمن الى صورة تشبة ماحدث في أقطار عربية أخري

 

وأكثر ما يقلق في المرحلة المقبلة في اليمن أن تتحوّل الى دولة غير قادرة على الاستمرار من حالة المعاناة والحروب المستمرة بين اليمنيين بإسم الوحده والأزمات المتلاحقة وهو ما قد ينذر بشرّ مستطيرٍ إذا لم يحتكم الجميع إلى لغة العقل والحكمة والمنطق لكن في نهاية الامر لم تَعُد وحدة اليمن مسألة شمال وجنوب كما أنها ليست مسألة عودةٍ إلى الأوضاع التي كانت سائدة ماقبل العام 1990 فالتطورات منذ العام 2013 ولاسيما مع ظهور عدد من الكيانات الجديدة التي تطالب بتقسم اليمن الى مناطق فدرالية متعددة ومثل هذا الامر بداء يظهر بوضوح وبقوة أكبر في الساحل الغربي وفي حضرموت وفي تهامة وهذا الأمر قوّض وحدة الشمال كما الجنوب.

 

سفير بوزارة الخارجية

You may also like