أصبحت البنية التحتية النفطية لإيران تقع في مركز الصراع المتصاعد في الشرق الأوسط، لكن الضربة الإسرائيلية المحتملة على منشآت الطاقة الإيرانية من شأنها أن تؤثر أيضاً على الصين بشكل مباشر.
تعتمد الصين على النفط الإيراني نظراً لسعره المنخفض نسبة لبقية الأسعار العالمية، لأن العقوبات لم تترك سوى عدد قليل من المشترين للنفط الإيراني. وعلى الرغم من مواصلة الهند وبعض الدول النامية شراء النفط الروسي، وهو أغلى من النفط الإيراني، إلا أن بكين الوحيدة من بين دول العالم التي على استعداد لشراء النفط من طهران.
وبالنسبة لإيران، فإن مبيعات النفط للصين والتي تبلغ 2 مليار دولار شهرياً، تمثل ما لا يقل عن 5 بالمئة من الناتج الاقتصادي الإيراني بالكامل، لذلك تعد الصادرات إلى الصين، مصدراً حيوياً للإيرادات، التي بدورها توفر النقود التي تحتاجها إيران لدفع ثمن وارداتها الخارجية. مع العلم أن إيران تصدر ما يقرب من نصف إنتاجها من النفط وتستخدم الباقي لتلبية احتياجاتها المحلية. أما ما تبقى من جزء ضئيل، تقدمه كمساعدات اقتصادية لسوريا وفنزويلا.
مع العلم أن إيران عضو في منظمة أوبك ويبلغ إنتاجها نحو 3.2 ملايين برميل يومياً، تعادل 3 بالمئة من الإنتاج العالمي.
وارتفعت صادرات إيران من النفط هذا العام إلى أعلى مستوياتها في عدة سنوات إلى 1.7 مليون برميل يومياً، رغم العقوبات الأميركية، وتشتري المصافي الصينية معظم هذه الإمدادات، إذ تقول بكين إنها لا تعترف بالعقوبات الأحادية الجانب.
ارتفعت أسعار النفط بشكل حاد في الأسواق العالمية، الأسبوع الماضي، بعد تصريحات الرئيس الأميركي، جو بايدن، أنه يتم النقاش حول إمكانية قيام إسرائيل بضرب قطاع النفط الضخم في إيران، على الرغم من أن معظم البلدان تتجنب النفط الإيراني بسبب العقوبات الدولية المفروضة على طهران.
لكن بالنسبة إلى الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، والتي تستورد ما يقرب من ثلاثة أرباع استهلاكها من النفط، فإن فقدانها المحتمل للإمدادات الإيرانية من شأنه أن يجعلها تتجه إلى الأسواق العالمية لتلبية احتياجاتها من الطاقة، وهو ما يزيد الطلب في السوق ويضغط على الأسعار.
ومع ذلك، يعتقد بعض المحللين أن الهجوم على البنية التحتية النفطية الإيرانية غير مرجح، ولفتوا إلى أن أسعار النفط قد تواجه ضغوطاً هبوطية كبيرة إذا ركزت إسرائيل على أي هدف آخر.
وأشار محللون في بنك “إيه.إن.زد”، الجمعة، إلى أنه حتى لو استهدف الهجوم منشآت النفط الإيرانية، فإن هناك سبعة ملايين برميل يومياً من طاقة المعروض الفائضة داخل منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) لتعويض خسارة إنتاجها النفطي، بحسب وكالة رويترز.
وبناء على هذا، فإذا كانت الصين غير قادرة على شراء الكمية المعتادة من إيران، نحو 1 إلى 1.5 مليون برميل يومياً، فقد تجد بقية أعضاء منظمة أوبك جاهزين لتزويدها بدلاً من ذلك. ولهذا فإن الضرر الذي قد يلحق بالاقتصاد الصيني نتيجة لانقطاع النفط من إيران على المدى البعيد سيكون ضئيلاً.
إضافة إلى ذلك، فقد عملت الصين على توسيع احتياطياتها النفطية على مدى السنوات العديدة الماضية، وتقدر حالياً بما يعادل أكثر من ثلاثة أشهر من واردات البلاد النفطية بالكامل وسنتين من واردات الصين من إيران، وهذا من شأنه أن يوفر حلا مؤقتاً في حالة انقطاع إمدادات إيران.
مع ذلك، بذلت الصين الكثير للحد من اعتمادها الكلي على النفط. في حين أن النفط يشكل 40 بالمئة من الطاقة المستخدمة في الولايات المتحدة، فإنه لا يمثل سوى حوالي 20 بالمئة من إجمالي إمدادات الطاقة في الصين،
حيث أن أكثر من نصف السيارات المباعة في الصين حالياً هي سيارات هجينة تعمل بالبطاريات الكهربائية أو تعمل بالبنزين والكهرباء.
كما أن الصين تولد الطاقة اللازمة لتشغيل هذه السيارات بشكل أساسي عن طريق حرق الفحم – الصين هي المنتج والمستهلك المهيمن للفحم في العالم – وباستخدام الألواح الشمسية وطواحين الهواء. ويستخدم جزء كبير من واردات الصين من النفط في صناعة الكيماويات في البلاد، وهي الأكبر في العالم، أو لتكرير الديزل الذي يشغل الشاحنات، بحسب وكالة بلومبرغ.
ولكن بحسب خبراء، فإن السؤال الكبير بالنسبة للصين، ليس ما إذا كانت إسرائيل قد تضرب البنية التحتية النفطية الإيرانية، بل كيف سترد إيران.
يذكر أن حوالي ربع نفط العالم، يمر على متن سفن عبر سواحل إيران من مضيق هرمز، الذي يربط الخليج العربي ببحر العرب. لذا فإن الرد الإيراني يعتبر مصدر القلق الأكبر من المنظور العالمي وللصين تحديداً.