فى خضم توترات سياسية واقتصادية، عاد الجدل حول إمكانية إقالة رئيس بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى جيروم باول، إلى السطح مجددًا مع عودة الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب إلى الساحة السياسية بعد فوزه فى الانتخابات الرئاسية .
وذكرت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية اليوم الاثنين، في تقرير لها ، أنه “في عام 2018، كانت هناك محاولات من ترامب لإزاحة باول بسبب خلافات حول رفع أسعار الفائدة، وهو أمر لم يرضِ الرئيس الأمريكي السابق، ورغم الغضب الذي أبداه ترامب في ذلك الوقت، كان المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي قد أعدوا ردًا قانونيًا حاسمًا في حال اتخذ الرئيس خطوات فعالة لإقالة باول؛ وهي معركة قانونية تهدف إلى حماية استقلال البنك المركزي الأمريكي”.
وأضافت الصحيفة أنه في ذلك الوقت، كان باول، الذي يمتلك خلفية قانونية وتجارية قد أبلغ وزير الخزانة آنذاك ستيفن منوتشين أنه سيقاوم أي محاولة لإقالته إذا أصدر ترامب قرارًا بذلك، ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا الصراع محط اهتمام كبير خاصة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض عقب فوزه بفترة رئاسية ثانية.
وعندما سئل باول الأسبوع الماضي عن احتمالية استقالته إذا طلب منه ذلك، جاء رده مختصرًا وحاسمًا: “لا” وعندما سُئل عما إذا كان للرئيس حق إقالته، أجاب بنفس الإجابة: “غير مسموح بموجب القانون”.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الرد الحازم من باول يبرز أن أي محاولة لإقالته قبل نهاية فترته الحالية في 2026 من شأنها أن تؤدي إلى معركة قانونية غير مسبوقة، قد تطول لسنوات.
بدوره، أكد المستشار القانوني السابق للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سكوت ألفاريز، أن أي محاولة لإقالة باول ستخلق سابقة قانونية هائلة حيث ستمنح كل رئيس مستقبلي صلاحية إقالة رؤساء الفيدرالي على أساس الخلافات السياسية.
وقال ألفاريز “إذا نجح الرئيس ترامب في إقالة باول، فإن ذلك يعني أن أي رئيس مستقبلي سيكون معرضًا للإقالة بتوجيه من الرئيس”.
وأشارت “وول ستريت جورنال” إلى أنه على الرغم من هذه التهديدات، لم يُظهر ترامب في الآونة الأخيرة أي إشارة واضحة إلى نيته إقالة باول، حيث صرح في مقابلة مع وكالة “بلومبرج” في يونيو الماضي أنه سيراعي أن باول يقوم “بالشيء الصحيح”.
وتابعت “مع ذلك، يظل هناك انقسام بين مستشاري ترامب بشأن كيفية التعامل مع باول بعضهم ينصح بعدم المساس به، بينما يرى آخرون أن الاستمرار في تمسك الاحتياطي الفيدرالي باستقلاليته يضر بالاقتصاد وأنه يجب التوجه لتحدي السلطة الممنوحة له”.
ويتوقع أن يواجه ترامب خلال ولايته الثانية عدة تحديات مختلفة في علاقته مع الفيدرالي فبينما كان بإمكانه في ولايته الأولى تعيين خمسة من أعضاء مجلس بنك الفيدرالي الأمريكي في السنة الأولى من حكمه، فإن الآن لا يوجد أي مقعد شاغر في المجلس إلا مقعد واحد قد يفتح في السنوات القادمة.
كما أن محاولة إقالة باول في وقت حساس، حيث يواصل الفيدرالي معركته ضد التضخم قد تضر بالأسواق بشكل أكبر مما كانت عليه في فترة رئاسته الأولى لكن الأمر الأكثر تعقيدًا هو العلاقة بين السياسات الاقتصادية التي قد يتبعها ترامب والقرارات النقدية التي يتخذها البنك المركزي الأمريكي.
ففي حال قرر ترامب تقديم تخفيضات ضريبية تمويلها من العجز أو فرض تعريفات جديدة قد يؤدي ذلك إلى مخاوف من ارتفاع التضخم، مما يجعل الفيدرالي مضطرا إلى الحفاظ على معدلات فائدة مرتفعة.
إضافة إلى ذلك، فإن ترامب يرث خلفية مالية أكثر تعقيدًا في ولايته الثانية، حيث يتعين على وزارة الخزانة الأمريكية إعادة تمويل ديون ضخمة تم اقتراضها بفوائد منخفضة في السنوات الماضية.
من جانب آخر، فإن أي محاولة لإقالة باول ستكون محفوفة بالمخاطر بالنسبة للأسواق، التي قد تشهد رد فعل سلبيا للغاية على مثل هذه الخطوة.
واختتم مدير الاستثمار الذي ساهم في كتابة تاريخ استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مارك سبيندل بأن “السوق هو الحاكم النهائي هنا فيما يتعلق بما يمكن أن يفعله ترامب مع الفيدرالي”.