انتهت اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين مع بداية إجازة أسبوعية للعالم “ويك إند” بسيل من النصائح للدول المديونة ومنها مصر.
لتنطلق في القاهرة خلال عطلة نهاية الأسبوع أحاديث هنا وهناك عن دفتر الديون للمؤسسة الدولية ومدى استجابة القاهرة لجرعات العلاج المر.
وخلال وقت لاحق من العام الجاري، يعقد ممثلون عن صندوق النقد الدولي مباحثات مع مسؤولين حكوميين مصريين، اجتماعات لمراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وتوصلت مصر والصندوق خلال وقت سابق من العام الماضي، إلى اتفاق برنامج إصلاح اقتصادي أفضى إلى تقديم قرض لمصر بقيمة 3 مليارات دولار، تصرف على شرائح لمدة 46 شهراً.
أزمة اقتصادية في طور التكوين
ولطالما كانت الأزمة الاقتصادية في مصر في طور التكوين، وهي ناتجة جزئيا عن قوى خارجة عن سيطرة الدولة. أضرت الحرب الروسية الأوكرانية، مصر بشدة ، لأنها أكبر مستورد للقمح في العالم، وعادة ما يكون أكبر مورديها من روسيا وأوكرانيا.
كما أدت الحرب إلى إعاقة السياحة التي كانت تنتج قبل الوباء، نحو 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي؛ إذ تسبب ارتفاع أسعار الحبوب ونقص السياحة الروسية في الضغط على احتياطيات مصر من العملات الأجنبية والجنيه.
كذلك، تخارج من السوق المحلية أكثر من 23 مليار دولار خلال العام الماضي، تمثل ارتفاع كلفة الواردات من الخارج، وخارج استثمارات، ومخارج أموال ساخنة من أدوات الدين المصرية.
والعام الماضي، طرقت مصر باب الصندوق للمرة الرابعة خلال ست سنوات بحثا عن برامج إصلاح اقتصادية؛ وهي الآن أكبر مدين للصندوق بعد الأرجنتين بقيمة ديون قائمة تبلغ 13.4 مليار دولار حتى نهاية مارس/آذار الماضي.
خلال الفترة التي أعقبت الاتفاق، واصلت مصر تحرير أسعار الصرف، لتكون وفق العرض والطلب وليس بناء على سقف يضعه البنك المركزي المصري للبنوك العاملة في السوق المحلية.
سعر صرف الدولار في مصر
ولطالما كان الوصول إلى سعر صرف مرن، مطلبا لصندوق النقد الدولي منذ سنوات، وهو ما بدأت مصر تنفيذه اعتبارا من مارس/آذار 2022، إلا أن بنوك استثمار أمريكية ترى أن سعر الصرف الحالي لا يعكس القيمة الحقيقية للجنيه.
حاليا يبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 30.9 جنيها، بينما يبلغ 34 جنيها – 35 جنيها في السوق الموازية، والتي تتذبذب بناء على عودة طلب الأفراد على الدولار من السوق السوداء.
ترى بنوك استثمار أمريكية أن سعر الصرف الملائم للجنيه المصري، والذي يعكس الواقع أمام الدولار الأمريكي، هو 34 جنيها، في وقت كانت الأسواق المحلية تتوقع خفضا إضافيا لسعر الصرف من جانب البنك المركزي، نهاية الشهر الماضي، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى اليوم.
إلا أن صندوق النقد راض تماما على التحركات السابقة لأسعار الصرف، بينما تبقى نقطة الخلاف برامج الدعم على بعض السلع الرئيسة والدعم الاجتماعي، إذ يرى الصندوق أنه يتوجب على مصر إعادة توجيه الدعم لمستحقيه.
المسألة الأخرى، أن الحكومة المصرية تسير قدما لتلبية بعض متطلبات الصندوق الأخرى، خاصة تلك المتمثلة في إطلاق العنان للقطاع الخاص في مشاريع كانت الدولة تنافس فيها من خلال مشاريع تتبع الدولة.
طروحات حكومية في بورصة مصر
وبدأت الحكومة المصرية في طرح نسب من شركات حكومية في البورصة، لتحقيق مشاركة أوسع للقطاع الخاص في مفاصل الاقتصاد المحلي، واستعادة نسق الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد المحلي بقوة.
تضم استثمارات الدولة والجيش في مصر حاليا، كل شيء تقريبا، من محطات الوقود إلى المياه المعدنية والزيتون ومزارع الأسماك ومناطق زراعية والإعلام وقطاع الإنشاءات والتشييد، وهو مطلب للصندوق لإشراك القطاع الخاص فيها.
المسألة الأكبر التي قد يركز عليها فريق صندوق النقد الدولي، للمراجعة والمقبلة، والتي تفتح الباب لصرف شريحة بقيمة 347 مليون دولار، تتمثل في مدى التقدم الذي حققته السلطات في توسيع حصة القطاع الخاص في الاستثمارات.
تصريحات غريبة من الصندوق
بعد كل ما سبق، خرجت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا بتصريح قالت فيه إن على مصر تنفيذ الإصلاحات بوتيرة أبطأ مما كان مقررا في البداية، لتجنب الإضرار باستقرار الاقتصاد الكلي.
وقالت غورغيفا رئيسة الصندوق في تصريحات للصحفيين، الخميس، إنه في حين اتفقت مصر والصندوق على برنامج جيد يتضمن عناصر رئيسية، منها تحرير أكبر لسعر الصرف وزيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، فإن السرعة المقررة للتنفيذ “تحددت في ظل ظروف مختلفة”.
ويعني ذلك، أن مصر قد تكون أنفقت بكل المتطلبات أمام تمرير الشريحة المقبلة من القرض المالي.