الرئيسية » “تليغرام” أكثر من مجرد تطبيق مراسلة بالنسبة

“تليغرام” أكثر من مجرد تطبيق مراسلة بالنسبة

by donia

يخشى الروس المشتركون في تطبيق تليغرام الذي يُلاحَق مؤسسه بافيل دوروف قضائياً في فرنسا، من حجب خدمة الرسائل المشفرة هذه، التي أصبحت بالنسبة إليهم المصدر الرئيسي للمعلومات غير الخاضعة للرقابة. وأوقف دوروف، مساء السبت 24 أغسطس/ آب، في مطار لو بورجيه قرب باريس وخضع لتحقيقات في الأيام التالية، وأفرج عنه بكفالة مقدارها خمسة ملايين يورو شرط حضوره إلى مركز الشرطة مرتين في الأسبوع ومنعه من مغادرة فرنسا.

ووفق السلطات القضائية الفرنسية، لم يتّخذ دوروف تدابير للحد من إساءة استخدام مشتركين لتطبيق المراسلة، خصوصاً عدم اعتماد آلية للحد من المحتوى المتطرف والتعاون مع المحققين.

 

وأثار توقيفه ضجة كبيرة داخل الكرملين وبين القوى الليبرالية الروسية المعارضة للهجوم في أوكرانيا. وصرح أليكسي فينيديكتوف، رئيس إذاعة صدى موسكو التي حُظرت في روسيا بعد انتقادها الهجوم العسكري في أوكرانيا، بأن “تليغرام تطبيق مراسلة عملي وموثوق للغاية لدى الروس، بغض النظر عن آرائهم السياسية”. وأضاف الصحافي لوكالة فرانس برس، أن التطبيق “يُعرف بأنه مستقل عن الدولة” الروسية.

 

ولدى فينيديكتوف المدرج في قائمة “العملاء الأجانب” في روسيا، قناة إخبارية على تطبيق تليغرام يتابعها أكثر من 200 ألف مشترك. وبالتالي، سيكون الحظر المحتمل للتطبيق بمثابة “إجراء رقابي” بالنسبة إليه، إذ إن جزءاً كبيراً من المواضيع التي تغطيها قناته والعديد من القنوات الإخبارية الأخرى مثل النزاع في أوكرانيا والمحاكمات السياسية للمعارضين وسبل تجنّب الالتحاق بالجيش، تخضع لرقابة صارمة في وسائل الإعلام الحكومية.

 

غياب الرقابة..

 

وقالت ميلا، وهي طبيبة نفسية تبلغ 45 عاماً مشتركة في حوالى 80 قناة إخبارية على التطبيق: “بدأت باستخدام تليغرام بعد حظر فيسبوك، وأصبح اليوم مصدري الرئيسي للمعلومات”. وأضافت: “أستخدم التطبيق أيضاً للتواصل مع رفاقي الذين يعارضون الهجوم” الروسي على أوكرانيا، مقرّة بأنه “إذا توقف تليغرام سيكون ذلك صعباً جداً عليّ”.

بدورها، أكّدت نايدا، وهي موظفة لوجستية تبلغ 56 عاماً، قائلة: “أنا أثق بتليغرام أكثر” من خدمات المراسلة الأخرى. وأضافت: “واجهة المستخدم مريحة جداً. كل المستجدات موجودة ولا تحتاج إلى تنشيط شبكة خصوصية افتراضية (في بي إن) طوال الوقت”.

ومذ حظرت روسيا شبكات اجتماعية غربية مثل “إنستغرام” و”فيسبوك” و”إكس”، في مارس/ آذار 2022، بالإضافة إلى العديد من وسائل الإعلام المعارضة التي لا يمكن الوصول إليها الآن إلا عبر شبكة خصوصية افتراضية، نمت شعبية “تليغرام” في البلاد باطراد.

واليوم، يُعد “تليغرام” التطبيق الرابع الأكثر استخداماً، متفوّقاً على “يوتيوب” وشبكة “فكونتاكتي” الروسية للتواصل الاجتماعي، وفق دراسة أجرتها مجموعة ميدياسكوب للبحوث. وأظهرت هذه الدراسة التي نشرت في يناير/ كانون الثاني، أن 67 في المائة من مستخدمي “تليغرام” في روسيا يفضّلون القنوات السياسية والمستجدات، فيما يركز 6 في المائة فقط على القنوات المتخصصة بالترفيه أو السينما.

 

وتشير الخبيرة في الشؤون السياسية تاتيانا ستانوفايا من مركز كارنيغي روسيا أوراسيا بأنه “ليس هناك بديل لتليغرام” في روسيا، حيث “أصبح المصدر الرئيسي للمعلومات”. واعتبرت أن حظر “تليغرام” سيكون “أمراً حرجاً” بالنسبة إلى الروس “الذين يعيشون في ظروف تتضاءل فيها إمكانية الوصول إلى المعلومات عبر وسائل الإعلام التقليدية” التي تعمل تحت ضغط السلطات.

 

ما مصير تطبيق تليغرام بعد اعتقال مؤسسه بافيل دوروف في فرنسا؟

 

“تليغرام” أداة للتواصل العسكري..

 

وفي موسكو، حذّر الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف فرنسا من تحويل القضية إلى “ملاحقة سياسية”، مؤكداً أن دوروف “مواطن روسي” و”سنراقب ما سيحصل”.

من جهته، يرى المعارض الروسي إيليا ياشين الذي أُطلق سراحه أخيراً من السجن ضمن عملية تبادل سجناء مع الغرب: “أنا لا أعتبر بافيل دوروف مجرماً، وآمل أن يتمكن من إثبات براءته”. وأضاف أن لدوروف “الحق في عدم التعاون مع الأجهزة الخاصة إذا لم يكن ينتهك هو نفسه القانون”.

منذ بدء الغزو الروسي، أصبح “تليغرام” أداة للدعاية الروسية، وكذلك منصة للعديد من السياسيين والناشطين من طرفَي النزاع، وصولاً إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يستخدم هذه المنصة يومياً لنشر رسائله الليلية وإظهار الحرب للروس من زاوية مختلفة.

 

ويستخدم الكرملين والوزارات وحكام المناطق الروسية التطبيق أيضاً، خصوصاً لإبلاغ السكان بهجمات جوية أوكرانية، كما يفعل الأوكرانيون في ما يتعلق بالهجمات الروسية.

 

وأصبح “تليغرام” وسيلة تواصل وتنسيق لكل من القوات الروسية والأوكرانية، وفق مدوّنين في روسيا. واعتبر العسكري الروسي السابق ميخائيل زفينتشوك أن “تليغرام أصبح الوسيلة الرئيسية لقيادة الوحدات (…) على جانبَي الجبهة”. ويتابع مدوّنته Rybar المتخصصة في نشر آخر تطوّرات الوضع على الجبهة الأوكرانية، أكثر من 1.3 مليون مشترك.

من جهته، يشير الصحافي الروسي الموالي للكرملين أندري ميدفيديف، أن “تليغرام هو في الواقع تطبيق المراسلة الرئيسي لهذه الحرب. إنه بديل لنظام الاتصالات العسكرية السري”.

You may also like