الرئيسية » “الماغنوميكس”.. بين تفاؤل الأسواق ومخاوف الخبراء

“الماغنوميكس”.. بين تفاؤل الأسواق ومخاوف الخبراء

by ekram

يبدو أن رؤية دونالد ترامب لإعادة تشكيل أكبر اقتصاد في العالم عبر سياسات حمائية تضع “أميركا أولاً” ستلحق الضرر بالنمو الاقتصادي، وفقًا لاستطلاعات أجرتها صحيفة فاينانشال تايمز شملت خبراء اقتصاديين، وتتناقض هذه التوقعات مع تفاؤل المستثمرين بخطط الرئيس الأميركي المنتخب.

وبحسب استطلاع شمل أكثر من 220 خبيرًا اقتصاديًا في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو بشأن تأثير عودة ترامب إلى البيت الأبيض، فقد توقع أغلب المشاركين أن السياسة الحمائية ستلقي بظلالها على فوائد عوامل أخرى من السياسة الاقتصادية التي أطلق عليها ترامب لقب “اقتصاد الماغنوميكس” .

و الـ Maganomics هو مصطلح مشتق من شعار حملة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب “Make America Great Again” (MAGA) مع إضافة كلمة “nomics” للإشارة إلى السياسات الاقتصادية. ويمثل المصطلح نهج ترامب الاقتصادي، الذي يركز على خفض الضرائب، وتشجيع التصنيع المحلي، وفرض رسوم جمركية على الواردات لتعزيز الصناعات الأميركية، وتقليص القيود التنظيمية، وزيادة الإنفاق العسكري والبنية التحتية.

وبالعودة لمقال الفاينانشال تايمز فقد أشار العديد من الخبراء الاقتصاديين في الولايات المتحدة، الذين شاركوا في الاستطلاع، الذي أجرته فاينانشال تايمز بالتعاون مع جامعة شيكاغو، إلى أن فترة ولاية جديدة لترامب قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم، مما يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى توخي المزيد من الحذر في خفض أسعار الفائدة.

وكانت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، قد حذرت في ديسمبر الماضي، من أن الرسوم الجمركية التي يعتزم الرئيس المنتخب دونالد ترامب فرضها على الواردات قد تعرقل جهود السيطرة على التضخم وتزيد من الأعباء المالية على الأسر والشركات.

وقالت شيبنيم كاليملي أوزكان، أستاذة في جامعة براون وعضوة في لجنة استشارية اقتصادية لدى الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك: “قد تؤدي سياسات ترامب إلى بعض النمو على المدى القصير، لكن ذلك سيكون على حساب تباطؤ عالمي سيعود ليؤثر سلبًا على الولايات المتحدة مستقبلا. كما أن هذه السياسات ستُعزز التضخم، سواء في الولايات المتحدة أو على الصعيد العالمي، مما سيقودنا إلى عالم يشهد ركودًا تضخميًا”.

ما هو الركود التضخمي؟

الركود التضخمي (Stagflation) هو مصطلح اقتصادي يصف حالة فريدة تجمع بين ثلاث ظواهر سلبية تحدث في وقت واحد، وهي:

  1. الركود الاقتصادي (Stagnation): وهو تباطؤ أو انكماش في النمو الاقتصادي، يتميز بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع معدلات البطالة.
  2. التضخم (Inflation): وهو الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار، مما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للعملة.
  3. ارتفاع معدلات البطالة (Unemployment): وهو زيادة عدد الأشخاص العاطلين عن العمل ويبحثون عنه.

هيمنة اقتصاد العم سام

مع ذلك، يتوقع معظم الاقتصاديين، بمن فيهم خبراء في صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والمفوضية الأوروبية، أن تسجل الولايات المتحدة نموًا أقوى من أوروبا في عام 2025.

منذ جائحة كورونا، كان الاقتصاد الأميركي ينمو بوتيرة أسرع من نظيره الأوروبي، حيث بلغ معدل النمو السنوي 2.8 بالمئة في الربع الثالث من العام الماضي.

لم يقدم ترامب بعد برنامجًا اقتصاديًا شاملاً، مما دفع المحللين إلى الاعتماد على وعوده وتهديداته التي أعلنها خلال حملته الانتخابية.

وتشمل هذه الخطط فرض رسوم جمركية تصل إلى 20 بالمئة على جميع الواردات القادمة إلى الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة لعمليات ترحيل جماعي للعمال غير الشرعيين، وخفض الروتين الإداري، وجعل التخفيضات الضريبية التي تم تقديمها في عام 2017 مستمرة ودائمة.

وقالت جانيس إيبرلي، مسؤولة سابقة بوزارة الخزانة الأميركية خلال إدارة أوباما وأستاذة بجامعة نورث وسترن: “السياسات المعلنة تشمل تعريفات جمركية كبيرة وترحيل العمال المهاجرين، وكلاهما يميل إلى تعزيز التضخم ويؤثر سلبًا على النمو.”

بوجه عام، يرى أكثر من نصف الاقتصاديين الـ47 الذين شملهم الاستطلاع حول الاقتصاد الأميركي أن أجندة ترامب ستترك “أثرًا سلبيًا”، بينما يتوقع 10 بالمئة آخرون “تأثيرًا سلبيًا كبيرًا”. وفي المقابل، يعتقد خمس المشاركين أن تأثيرها سيكون إيجابيًا.

وول ستريت تسير عكس التيار

ويتناقض هذا التشاؤم بين الاقتصاديين مع تفاؤل المستثمرين بشأن ولاية ترامب الثانية. فقد ارتفع مؤشر الأسهم الأميركي S&P500 في الأسابيع التي أعقبت فوزه، على الرغم من أنه فقد بعض المكاسب في ديسمبر بعد أن أشار صانعو السياسة النقدية في الولايات المتحدة إلى تقليل التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة هذا العام.

خريطة الاستثمار العالمية تتغير.. والإمارات في المقدمة

وفي أفضل عامين له هذا القرن، أنهى المؤشر القياسي عام 2024 مرتفعا بنسبة 23.3 بالمئة، بعد مكسب مماثلة في عام 2023.

وقال بنجامين بولر، استراتيجي في بنك أوف أميركا، هذا الأسبوع إن “اقتصاديات ترامب الحرة، وخفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية”، إلى جانب “ثورة محتملة في الذكاء الاصطناعي”، قد تستمر في دفع الأسواق إلى الارتفاع في 2025.

وفي استطلاع منفصل أجرته فاينانشال تايمز، أبدى اقتصاديون في منطقة اليورو تشاؤمًا أكبر بشأن تأثير سياسات ترامب على منطقتهم مقارنةً بنظرائهم في الولايات المتحدة. أشار 13 بالمئة منهم إلى توقع تأثير سلبي كبير، بينما توقع 72 بالمئة تأثيرات سلبية جزئية.

بالنسبة لمنطقة اليورو، كان القلق الأكبر يتعلق بالإنتاج الصناعي، خاصة في ألمانيا، أكبر اقتصاد في المنطقة.

وأشار مارتن وولبرغ، كبير الاقتصاديين في جنرالي إنفستمنتس، إلى احتمال استهداف صناعة السيارات الألمانية بشكل خاص من قِبل ترامب.

وقال كريستوف بوشيه، رئيس قسم الاستثمار في ABN Amro Investment Solutions: “قد يفرض ترامب رسومًا تصل إلى 60 بالمئة على الصين، مما يزيد من التحديات أمام الصناعات الأوروبية، حيث قد تتجه بكين لإغراق السوق الأوروبية بمنتجات رخيصة”.

وفي المملكة المتحدة، نظرًا لاعتمادها على القطاع الخدمي بشكل كبير، يُعتقد أنها ستكون أقل تأثرًا بالتعريفات الجمركية. لكن ألفيش باليجا، كبير الاقتصاديين في اتحاد الصناعات البريطانية، حذر من تعرض البلاد إلى “تأثيرات ثانوية” إذا أثرت الرسوم الجمركية على نمو منطقة اليورو.

وفي استطلاع بالمملكة المتحدة، توقع أكثر من 56 بالمئة من نحو 100 مشارك تأثيرات سلبية، بينما أشار أكثر من 10 بالمئة فقط إلى توقعات إيجابية.

وقال باريت كوبليان، كبير الاقتصاديين في PwC UK: “إدارة ترامب ستكون بمثابة “آلة عدم يقين” التي ستثني الشركات والأسر عن اتخاذ قرارات طويلة الأجل بسهولة. وسيكون لذلك بالتأكيد تكلفة اقتصادية”.

الرسوم الجمركية وتأثيرها العالمي

في حديث خاص لسكاي نيوز عربية، أوضح الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Neovision لإدارة الثروات، الدكتور رايان لمند، أن هذه الخطوة تستهدف حماية الصناعات الأميركية، لكنها قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار عالميًا، مما يضعف الطلب ويؤثر على الاقتصادات النامية والدول المصدرة.

وأكد أن هذه السياسات ليست جديدة، حيث تحاول الدول الكبرى منذ عقود تعزيز صناعاتها الوطنية عبر رسوم وإجراءات مماثلة.

كما أشار الدكتور لمند إلى أن التحركات الأميركية، مثل نشر الصواريخ في آسيا وفرض الرسوم الجمركية، تعكس تحولًا من المنافسة إلى المواجهة المباشرة.

وأوضح أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تفكيك نظام العولمة الذي استفادت منه الولايات المتحدة والصين على حد سواء، مما يخلق نظامًا اقتصاديًا جديدًا يعتمد على توازنات مختلفة.

You may also like